تواصل شركات استكشاف وإنتاج النفط في الولايات المتحدة خفض منصات التنقيب وكبح الاستثمارات الجديدة. لكن على الجانب الآخر، تشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع إنتاج النفط الأميركي لمستويات قياسية جديدة، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار لأعلى مستوى في 10 أشهر.
وتثير الصورة المتباينة في سوق النفط الأميركي حالة من الجدل مؤخراً بشأن ما إذا كانت طفرة الإمدادات تقترب من النهاية.
تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية تراجع إنتاج النفط الصخري للشهر الثالث على التوالي خلال أكتوبر المقبل من 7 حقول رئيسية إلى 9.39 ملايين برميل يومياً في شهر أكتوبر، مقابل 9.43 ملايين برميل يومياً في سبتمبر.
ويمثل الهبوط المتوقع لإمدادات النفط الصخري الأميركي بنحو 40 ألف برميل أكبر وتيرة تراجع شهري منذ ديسمبر 2022. من شأن هذا الهبوط المتوقع أن يبتعد أكثر عن الذروة المسجلة في يوليو عند 9.47 ملايين برميل يومياً.
يأتي الهبوط المتوقع مع توقعات بتراجع الإمدادات من حقل «بيرميان» – الأكبر للنفط الصخري في الولايات المتحدة – بنحو 26 ألف برميل، لتصل إلى 5.77 ملايين برميل يومياً.
كما يتجه إنتاج النفط الصخري الأميركي من حقل «إيجل فورد» للهبوط بمقدار 17 ألف برميل عند 1.109 مليون برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2022.
ضعف نشاط التنقيب
لا يزال عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة أدنى من مستوياته في بداية العام بنحو 114 منصة.
وتشير بيانات شركة بيكرهيوز إلى أن عدد منصات التنقيب عن النفط بلغ 507 منصات في الأسبوع المنتهي في الثاني والعشرين من سبتمبر الجاري، وهو أقل مستوى منذ فبراير 2022.
ويتباطأ نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة بفعل الانضباط المالي، الذي أظهره منتجو الخام الصخري خلال الأشهر الماضية.
واتجهت شركات النفط إلى الاهتمام بشكل أكبر بمنح الأولوية للربحية وتوزيعات المساهمين مقارنة بزيادة الإنتاج.
وتواصل العديد من شركات الاستكشاف والإنتاج التركيز أكثر على إعادة المزيد من الأموال إلى المستثمرين، وسداد الديون من الاهتمام بزيادة إنتاجها من النفط والغاز.
الكفاءة قد تعوّض الهبوط
بالرغم من انخفاض عدد منصات الحفر النشطة، فإن شركات النفط الأميركية تنتج المزيد من النفط والغاز. واستفادت شركات النفط الأميركية من التقدم التكنولوجي، الذي يسمح لها بحفر آبار بشكل أسرع.
وأصبحت الكفاءة في العمليات والإنفاق الرأسمالي العاملين الأكثر أهمية في مجال النفط الصخري، حيث تحاول الشركات إثبات ذلك من خلال حفر آبار أطول.
ارتفاع بوتيرة أبطأ
بالرغم من هبوط إنتاج النفط الصخري الأميركي وتراجع منصات التنقيب، فإن الإمدادات الإجمالية الخام لا تزال ترتفع صوب مستويات قياسية جديدة.
في يونيو الماضي، عاود إنتاج النفط الأميركي الارتفاع لمستويات قريبة من القمة القياسية المسجلة قبل وباء «كورونا»، لكن وتيرة النمو تشهد تباطؤاً.
وسجل إنتاج النفط في الولايات المتحدة 12.8 مليون برميل يومياً في يونيو، مقابل 12.6 مليون برميل في مايو، ما يقترب من القمة البالغة 13 مليون برميل يومياً، والمحققة في نوفمبر 2019.
وتوقعت «ريستاد إنرجي» وصول إنتاج النفط الأميركي إلى مستوى قياسي عند 13 مليون برميل يومياً في شهر سبتمبر الجاري، وهو المستوى نفسه المسجل قبل وباء «كورونا».
ويتجه الإنتاج إلى الارتفاع بشكل إضافي حتى نهاية العام، حيث تتوقع «ريستاد» وصول متوسط الإمدادات في شهر أكتوبر وخلال الربع الأخير إلى متوسط بين 13 و13.1 مليون برميل يومياً.
فيما يتعلق بإجمالي الإمدادات المتوقعة على المستوى السنوي، يتجه إنتاج النفط الأميركي إلى تحقيق مستويات قياسية جديدة في العامين الجاري والمقبل، بدعم ارتفاع أسعار الخام.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع متوسط إنتاج الخام في الولايات المتحدة إلى 12.78 مليون برميل يومياً في العام الجاري، مقابل 11.91 مليون برميل في 2022، ليتجاوز القمة القياسية المسجلة قبل ظهور وباء «كورونا».
كما تعتقد الوكالة أن إمدادات النفط الأميركية ستواصل الصعود لمستوى قياسي جديد في عام 2024 عند 13.16 مليون برميل يومياً.
بالرغم من توقعات الصعود القياسي للإمدادات الأميركية من النفط، فإن الإشارات تتصاعد بشأن بطء وتيرة نمو الإنتاج. لكن النمو البطيء للإمدادات لا يزال يعني استمرار صعود إنتاج النفط الأميركي صوب مستويات غير مسبوقة.
مخاوف الذروة تتصاعد
يرى محلل أنظمة الطاقة لدى «رويترز» جون كيمب أن إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة قرب الذروة حالياً، مع استجابة القطاع لتراجع الأسعار منذ منتصف عام 2022.
ويعتقد كيمب أن الإمدادات الأميركية لا تزال ترتفع كرد فعل متأخر للفترة، التي كانت تشهد أسعاراً مرتفعة للخام خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022، مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات ضد موسكو.
وبناءً على البيانات التاريخية، فإنه بعد ذروة الأسعار، يحتاج الأمر إلى 5 أشهر في المتوسط لهبوط نشاط التنقيب، و12 شهراً لتراجع الإنتاج.