تهيمن الحرب في غزة على النقاشات الدائرة في مدينة مراكش المغربية، حيث يجتمع وزراء المالية لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. لكن العقول الأكثر هدوءاً تبدو متفائلة نسبياً حتى الآن بشأن عواقبها على الاقتصاد العالمي. وأفاد تحليل إخباري على بلومبيرغ أن خبيرة الأزمات المخضرمة جانيت يلين قلَّلت من المخاوف بشأن احتمال أن يؤدي الصراع إلى قلب التوقعات الاقتصادية العالمية رأساً على عقب.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية في مؤتمر صحافي: «إننا نراقب التأثيرات الاقتصادية المحتملة للأزمة، لكنني لا أفكر في ذلك كمحرك رئيسي محتمل لآفاق الاقتصاد العالمي».
وكانت جيتا جوبيناث، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد، متعقلة بالمثل، قائلة إنه من المبكر بعض الشيء معرفة الآثار الكاملة للصراع، وسيعتمد ذلك على مدى توسع الصراع إلى دول أخرى. وأشارت إلى أن إحدى القنوات الرئيسية التي قد يؤدي الصراع الأوسع إلى إضعاف التوقعات العالمية هي من خلال الضربة المحتملة لأسعار النفط. وقالت لـ بلومبيرغ، إن النماذج التي أعدتها المنظمة، التي تشمل تفويضها مراقبة الاقتصاد العالمي، تظهر أن زيادة %10 بأسعار النفط تؤدي لارتفاع التضخم 0.4 نقطة مئوية في العام التالي. وبذلك ينخفض الناتج العالمي بـ 0.15 نقطة مئوية.
متغيرات عديدة
لفت تقرير بلومبيرغ أنه في ظل وجود العديد من المتغيرات التي لا بد من حدوثها قبل أن يتمكن وزراء المالية في العالم من الحصول على قراءة واضحة للتأثيرات الاقتصادية المترتبة على أحدث الرياح الجيوسياسية المعاكسة، فإن خطراً واضحاً وقائماً مختلفاً يجعل رئيس البنك الدولي على حافة الهاوية والمتمثل أساساً بارتفاع سعر الفائدة العالمية.
تحول مفاجئ
وحذر كل من أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي، وكبير الاقتصاديين إنديرميت جيل من أن تداعيات التحول المفاجئ إلى عصر تكاليف الاقتراض المرتفعة قد تكون صعبة.
وقال بانغا: «أعتقد أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة لفترة أطول. يمكن أن يكون هذا حدثاً معقداً من نواحٍ كثيرة، سواء بالنسبة للاستثمارات أو بالنسبة للأشخاص الذين اعتادوا على مر السنين على بيئة فائدة منخفضة».
واستشهد جيل بمثال السبعينيات، عندما أبقى بنك الفدرالي الفائدة مرتفعة بشكل دائم، وقال إن أحد الدروس المستفادة بعد ذلك هو أن دورة التشديد لم تستغرق سنة أو سنتين فقط. وأضاف : «لقد أدى ذلك إلى إفلاس نحو 24 اقتصاداً، يجب أن نتوقع أن تقع بعض الدول في مشاكل الآن».
تصاعد الصراع يرفع النفط إلى 100 دولار
نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول في قطاع الطاقة تحذيره من أن تصاعد الصراع بين المقاومة الفلسطينية في غزة والكيان الصهيوني من شأنه أن يرفع سعر برميل النفط الخام إلى مستوى 100 دولار.
وخلال اليومين الماضيين صعدت أسعار النفط بشكل ملحوظ لتتجاوز مستوى 88 دولارا للبرميل، وذلك بعد عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها المقاومة الفلسطينية.
وفي بداية تعاملات أمس الأربعاء استقرت أسعار النفط محتفظة بمكاسبها عند مستوى 88 دولارا للبرميل لخام برنت القياسي، في حين سجل سعر خام غرب تكساس الأميركي أكثر من 86 دولارا للبرميل، وذلك في ظل تداعيات الحرب الدائرة في غزة، ورغم تعهد السعودية (أكبر مصدر للنفط في العالم) بالمساعدة في ضمان استقرار أسعار النفط.
توصية بشراء أسهم الطاقة
قالت مجموعة «سيتي غروب»، إن استمرار تصاعد الحرب في غزة قد يؤثر على توصيتها الأخيرة بتخفيف وزن أسهم الطاقة العالمية في المحافظ الاستثمارية، ما يعني أنها قد تتجه نحو التوصية بشراء أسهم الطاقة وسط ارتفاع أسعار النفط.
من جهة أخرى، أشارت «سيتي غروب» إلى أن هناك العديد من العوامل التي ستؤثر على أسواق الأسهم خلال العام الحالي أبرزها المخاطر المتعلقة بالركود الاقتصادي وأسعار الفائدة المرتفعة، بالإضافة إلى معدلات التضخم.
مزيد من الضغوط التضخمية
أشار الخبير الاقتصادي، محمد العريان، الى أن الحرب التي اندلعت هذا الأسبوع بين فلسطين والكيان الصهيوني أدت حتى الآن إلى ردود فعل متحفظة نسبيًا في الأسواق.
وحذر العريان، في مقابلة مع «CNBC» الأميركية، أن ذلك يرجع إلى أن المستثمرين يتعاملون مع الصراع على أنه تم احتواؤه، لكن أي توسيع للأعمال العدائية قد يجبرهم على إعادة التفكير.
وقال: «إذا تفاقمت الحرب ودخلت أطراف أخرى، فإن التوقعات تشير إلى اقتصاد عالمي أضعف، والمزيد من الضغوط التضخمية. وستجد الأسواق صعوبة في التعامل مع ذلك».