يتوقع خبراء ومحللون اقتصاديون أن تشهد الأسواق العالمية مزيداً من التأثيرات المتتابعة جراء الصراع في الشرق الأوسط، ويراقبون الوضع لمعرفة ما إذا كان الصراع سيجذب دولاً أخرى بوسعها رفع أسعار النفط، مما سيدفع تدفق رؤوس الأموال إلى الأصول الآمنة.
وقال كبير الباحثين في برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، بن كاهيل: «يبدو أننا نتجه نحو غزو بري واسع النطاق لغزة وخسائر كبيرة في الأرواح.. في أي وقت ينفجر صراع بهذا الحجم، سيكون هناك رد فعل من السوق».
وعلى مدى الأسبوع الماضي ظهر تأثير المخاوف المتعلقة بالصراع في أسعار الأصول، مما ساهم في تراجع الأسهم يوم الجمعة، وتراجع المؤشر ستاندرد اند بورز الأميركي %0.5، أما أصول الملاذ الآمن فقد شهدت موجات شراء فصعد الذهب أكثر من %3 يوم الجمعة، ولامس الدولار أعلى مستوى في أسبوع.
وقفزت أسعار النفط نحو %6 يوم الجمعة، مع تحسب المستثمرين لتأثير الصراع على الإمدادات من الدول المجاورة في أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم.
وقال كبير الاقتصاديين في شركة أكشن إيكونوميكس في ولاية كولورادو، مايكل إنجلوند: «إذا اتضح أن الصراع يتوسع فإن أسعار النفط سترتفع أكثر».
ارتفاع التضخم
ورجَّح كبير خبراء الاقتصاد الدولي في مجموعة إيكونوميك أوتلوك في برينستون بولاية نيوجيرسي، برنارد بومول، أن يتسبب اتساع رقعة الصراع أيضاً في ارتفاع التضخم، وبالتالي تسارع وتيرة عمليات رفع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم.
لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة قد تكون الاستثناء من هذا السيناريو، لأن المستثمرين الأجانب سيضخون رؤوس أموالهم في ما يعتبرونه ملاذاً آمناً أثناء الصراعات العالمية. وقال عما قد يحدث في الولايات المتحدة: «أسعار الفائدة قد تنخفض.. ونتوقع أن يرتفع الدولار».
ويمكن أيضاً أن تتأثر أنواع الوقود الأخرى، فعلى سبيل المثال، وفي ظل التطورات الأحدث، أعلنت شركة شيفرون وقف صادرات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب رئيسي يمر تحت البحر بين الكيان الصهيوني ومصر.
وقال كاهيل من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: «الخطر الأكبر على سوق النفط هو أن هذا الصراع يجذب الدول المجاورة».
واستبعد محللون أن يكون لارتفاع أسعار النفط تأثير كبير على أسعار الغاز في الولايات المتحدة أو إنفاق المستهلكين. وقال إنجلوند: «من غير المرجح أن يشعر المستهلك بتأثير كبير على أسعار الغاز في أي وقت قريب».
تفاقم الغموض الاقتصادي العالمي
قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن الصراع القائم بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية عزز الغموض الاقتصادي العالمي.
وفي مؤتمر صحافي على هامش أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستضيفها مدينة مراكش المغربية، أوضحت جورجيفا «أنه مصدر آخر للغموض» المحيط بالاقتصاد العالمي، وأن تقييم تداعيات الصراع سابق لأوانه.
وذكرت جورجيفا أن الحرب القائمة حاليا بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين في غزة، شكلت عاملاً آخر للغموض الاقتصادي العالمي، إلى جانب الحرب الروسية الأوكرانية، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، وأسعار الفائدة والتضخم المرتفعين.
واعتبرت أن الحديث عن أي أرقام أو إحصاءات لتبعات الصراع، سواء على اقتصاد الكيان الصهيوني أو اقتصاد الضفة الغربية وغزة، أو حتى الاقتصاد العالمي، لا يزال مبكراً.
وزادت: «ما زال الصراع قائماً، وكل يوم إضافي يحمل تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي. نراقب الوضع عن كثب.. لكن من المبكر تقديم أي إحصاءات عن الصراع على الأسواق العالمية».
آثار بعيدة المدى على أسواق الطاقة والغذاء
حذر الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان»، أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول، جيمي ديمون، من أنه في حين أن المستهلكين والشركات الأميركية يتمتعون بصحة جيدة، فإن الأسر تنفق أرصدتها النقدية، وأسواق العمل الضيقة ومستويات الدين الحكومي المرتفعة للغاية، تعني أن أسعار الفائدة قد ترتفع أكثر من هنا.
وقال ديمون: «إن التوترات الجارية سواء الحرب في أوكرانيا، أو صراع الشرق الأوسط الذي اشتعل الأسبوع الماضي، قد تكون لها آثار بعيدة المدى على أسواق الطاقة والغذاء، والتجارة العالمية، والعلاقات الجيوسياسية. قد يكون هذا هو أخطر وقت شهده العالم منذ عقود. وبينما نأمل في الأفضل، فإننا نجهز الشركة لمجموعة واسعة من النتائج».
وجاءت تصريحات ديمون، في بيان أرباح البنك، والتي ارتفعت بنسبة %35 إلى 13.15 مليار دولار. وارتفعت الإيرادات بنسبة %21 إلى 40.69 مليار دولار، مدعومة بصافي دخل الفوائد الذي جاء أقوى من المتوقع.