أوضحت وكالة ستاندرد أند بورز أن الفجوة العالمية في تمويل الطاقة المتجددة تتركز في الأسواق الناشئة، بسبب ارتفاع المخاطر وانخفاض إقبال المستثمرين عليها، لافتة إلى أن التدفقات النقدية لاستثمارات الطاقة المتجددة تتجلى بشكل خاص في أميركا والصين والاتحاد الأوروبي، إلا أنها لا تزال أقل من المستوى المطلوب لتحقيق أهداف خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر، بحسب اتفاقية باريس للمناخ.
وقالت الوكالة في تقرير: «إن حكومات عالمية تتجه إلى أسواق الرساميل والديون بسبب التوقعات الكبيرة لاستثمارات الطاقة المتجددة التي تحتاج إليها في العقود المقبلة».
وأضافت: «التقديرات تشير إلى أن الأهداف الحالية، التي وافقت عليها الاقتصادات الكبرى في العالم بموجب اتفاقية باريس، ستتطلب مضاعفة الاستثمار العالمي في تحول الطاقة 3 مرات على الأقل، إلى أكثر من 5 تريليونات دولار سنوياً بين 2023 و2050، وهو ما يتجاوز بكثير ما يمكن للحكومات التعامل معها بمفردها».
وذكرت أن الاستثمار في أصول توليد الطاقة المتجددة يعد جزءاً أساسياً من تحول الطاقة، حيث تقدّر الاستثمارات السنوية في هذا القطاع بنحو 1.4 تريليون دولار حتى 2050، مشيرة إلى أن تمويل استثمارات الطاقة المتجددة تميل نحو توليد الأصول، خصوصاً أصول الطاقة الشمسية.
تدفقات الرساميل
ورأت «ستاندرد أند بورز» أن تدفقات الرساميل حالياً تفضل بقوة أصول توليد الطاقة النظيفة، مع تركيز أقل على استثمارات نقل الطاقة وتخزينها، مرجحة أن يؤدي هذا الخلل بين استثمارات توليد الطاقة وتخزينها ونقلها إلى عدم تكامل أسواق الطاقة النظيفة ما لم يتطوّر تصميم السوق بسرعة.
تحوّل الطاقة
وأشارت إلى أن تحوّل الطاقة في الصين سيتطلب زيادة كبيرة في الاستثمار على مدى العقود القليلة المقبلة، بالرغم من أنها تمثل بالفعل نحو نصف الإنفاق لتحول الطاقة العالمي في 2022، موضحة أن قطاع الطاقة في البلاد يأخذ زمام المبادرة من هذا التحول من خلال الاستثمارات المتسارعة في قدرات توليد الطاقة المتجددة وشبكات الطاقة وتخزينها.
وتابعت: «الشركات المركزية والمحلية الرئيسية المملوكة للحكومة الصينية تهيمن على الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، وسيكون من الضروري تقديم مساهمة أكبر من القطاع الخاص في البلاد لتحقيق هدف انبعاثات صفرية، حيث يحاول صنّاع سياسات الطاقة في الصين تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الطاقة النظيفة، لكن يجب توسيع الحوافز المقدمة للرساميل الخاصة والأطر التنظيمية من خلال تعميق إصلاحات سوق الطاقة».
100 مليار دولار.. استثمارات جديدة
في أميركا، أوضحت الوكالة أن الهيكل الفدرالي في الولايات المتحدة يحد من قدرة تفويض الحكومة المركزية على تشكيل الاستثمار في الطاقة النظيفة بشكل مباشر، مذكرة أنه في الأشهر العشرة الأخيرة، التي تلت قانون الحد من التضخم لعام 2022، خصصت شركات الأسهم الخاصة في «وول ستريت» أكثر من 100 مليار دولار لاستثمارات جديدة للطاقة المتجددة، والتي ستكون مؤهلة للحصول على الاعفاءات الضريبية في السنوات الست المقبلة.
زخم تطوير مصادر الطاقة المتجددة
أما في أوروبا، فقد أشارت «ستاندرد أند بورز» إلى أن أزمة الطاقة في القارة بفعل الحرب الروسية ــ الأوكرانية سرَّعت زخم تطوير مصادر الطاقة المتجددة، مع أهداف متزايدة تتمثل في تحقيق 1200 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة المركبة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية) بحلول 2030، مقارنة بـ513 غيغاواط في 2021.
وقالت: «لم تعد الاعتبارات البيئية تشكل الدافع الوحيد لتطوير مصادر الطاقة المتجددة في أوروبا، فقد أصبح إبقاء تكاليف الطاقة منخفضة للمستهلكين، وضمان أمن إمدادات الاتحاد الأوروبي من الطاقة، من الأولويات الحيوية للقارة العجوز».
وأضافت: «الاتحاد الاوروبي يفترض أن مصادر الطاقة المتجددة ستحتاج إلى توفير نحو %70 من الطاقة لتلبية الهدف العام للطاقة المتجددة بحلول 2040، إذ إن تسريع نمو مصادر الطاقة المتجددة سيتطلب أكثر من مجرد الأهداف والإمدادات، ويجب التغلب على سلسلة من التعقيدات التنظيمية والعقبات غير المالية، والتي تنبع أساساً من عمليات إصدار التصاريح في الاتحاد الاوروبي، والنقص المتزايد في قدرة شبكات الطاقة واختناقات سلاسل التوريد العالمية».
وختمت «ستاندرد أند بورز»: «يستغرق الحصول على تصريح كامل لتأسيس مشروع للطاقة النظيفة في جميع أنحاء أوروبا ما بين 3 إلى 6 سنوات، وغالباً ما يكون الجدول الزمني أطول في حال إقامة مشروع لطاقة الرياح. وتحد هذه العملية المطولة بشكل ملموس من قدرة السوق على نشر مصادر الطاقة المتجددة الجديدة على نطاق واسع، وبشكل سريع على المديين القصير إلى المتوسط».