تحقِّق شركات رأس المال الاستثماري الصينية نجاحات متزايدة في الشرق الأوسط، من خلال صفقات ذات أسعار أكثر قوة، ومن خلال استغلال الفراغ المتزايد الذي يتركه المنافسون الغربيون في المنطقة.
وذكر تقرير حديث في «المونيتور» أن هذا التطور يأتي على خلفية تحسن العلاقات بين الصين والعديد من دول الشرق الأوسط، بعد سلسلة من المؤتمرات الإقليمية هذا العام تهدف إلى تعزيز الاستثمار في المنطقة.
وقال التقرير: «على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال، من منظور أمني، اللاعب المهيمن في الشرق الأوسط، فقد وضعت الصين نفسها مؤخراً كوسيط، فقد توسطت بكين في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، أكبر منافسين في المنطقة. كما رحبت الصين بانضمام مصر وإيران والمملكة والإمارات إلى مجموعة بريكس التي تضم الاقتصادات الناشئة الرئيسية، وهي خطوة عززت علاقات الصين مع الشرق الأوسط».
تسعير الصفقات
وفي مقابلة مع «المونيتور»، قال ليم ساي تشيونغ، الرئيس التنفيذي لشركة سعودي فينشر كابيتال للاستثمار، وهي شركة استثمار متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ومقرها الرياض، إن نشاط رأس المال الاستثماري الصيني في المملكة قد زاد.
وأضاف ليم أن شركات رأس المال الاستثماري الصينية غالباً ما تقوم بتسعير الصفقات بشكل أكثر قوة من شركات رأس المال الاستثماري الأوروبية والأميركية. وعلى الرغم من أن شركات رأس المال الاستثماري البريطانية والألمانية تستثمر أيضاً في المملكة، فإن ليم قال: «سأقول إن الأميركيين ما زالوا هناك، لكن أعتقد أن الصينيين هم الحصان الأسود».
وأشار إلى أن مستثمري رأس المال الاستثماري الصينيين يركزون على عدة قطاعات، من بينها الطاقة (الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري)، بالإضافة إلى البناء والتكنولوجيا.
وبيَّن ليم أن السوق لا يزال يتطور، لكنه يتوقع أن تفتح المزيد من الشركات الصينية الكبيرة مكاتب وتؤسس بصمة في السعودية، وستأتي معها صناديق رأس المال الاستثماري من الصين.
مواكبة الإمارات
وأفاد التقرير بأن سوق رأس المال الاستثماري في السعودية يتبع نظيره في الإمارات، وهو الأكبر في الشرق الأوسط. ووفقاً للأرقام الصادرة عن شركة البيانات MAGNiTT، تلقت الإمارات 1.19 مليار دولار من تمويل رأس المال الاستثماري في عام 2022 مقارنة بالمملكة بمبلغ 987 مليون دولار.
وجعلت بيئة الأعمال المواتية في الإمارات، والنظام البيئي المزدهر للشركات الناشئة، والموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط بين أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، والدعم الحكومي لرواد الأعمال، جعلها جذابة لمستثمري رأس المال الاستثماري.
وتعد مصر والسعودية والإمارات هي الأسواق في المنطقة، التي تجتذب أكبر عدد من رؤوس الأموال الاستثمارية، حيث ستمثل %65 من الاتفاقيات في الشرق الأوسط وأفريقيا في عام 2022.
الاستثمار التكنولوجي
من جانبه، قال اكسيميليان وينتر هو، الرئيس التنفيذي لشركة Harmonix، وهي شركة رأس مال استثماري مقرها في كامبريدج، ماساتشوستس: «أظن أن هذه الخطوة ترجع إلى مزيج من بيئة الاستثمار التكنولوجي الودية في الشرق الأوسط واللوائح والقيود التي فرضتها الصين مؤخراً ضد بعض شركات التكنولوجيا، والتي ربما جعلت الاستثمارات المحلية أقل جاذبية».
وتابع: «ومن المفيد أيضاً أن تتمتع القيادة في الشرق الأوسط برؤية ثاقبة لجذب المواهب والتكنولوجيا من جميع أنحاء العالم، وبناء مركز للتميز حول القوة الدافعة الأساسية للاقتصاد العالمي وتنويع اقتصادها».
وأضاف وينتر: «هذا هو الوقت المناسب لمنطقة الشرق الأوسط للقيام بذلك، حيث أصبحوا أكثر تطوراً في الاستثمارات الاستثمارية، ويغتنمون الفرصة من المستثمرين الأوروبيين والأميركيين الذين يشعرون بالقلق في البيئة الحالية».
منافسة فرنسية
كما هو الحال مع شركات رأس المال الاستثماري الصينية، يستثمر المنافسون الفرنسيون أيضاً بنشاط في السعودية. وفي يونيو، استضافت فرنسا مؤتمر Vision Golfe الافتتاحي في باريس، لإقامة شراكات تجارية مع دول الخليج. وتزامن المؤتمر مع زيارة رسمية يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الفرنسية.